حومة البلوغسفير... أحد الاحياء الشعبية الكائنة بإحدى المدن التونسية

التسعة متاع الصباح... الدنيا مبكسة، ما يكفيش السخانة متاع الطقس، و زيد التعب متاع رمضان اللي بدى يظهر ع العباد م الأول

صفوان خارج من دارهم، ماشي للبوبلينات... هي موش بوبلينات بأتم معنى الكلمة، ثمة بلاكة مكتوب عليها [إعلامية موجهة للطفل]، لكنو المحل يوفر خدمات في أي حاجة متعلقة بالأنفورماتيك... نوسترا كيف اتخرّج، ما حبش يقعد يستنى في الحاكم لين يحن عليه بوظيفة، ديركت مشى ريڤل أوراقو و قدم الدوسي متاعو و كلمولو شكون بحيث ليه ليه ما وافقولو ع القرض و حل المشروع... و بما أنو مشغول زاده في نفس الوقت بالإشراف ع التجارة متاع بوه، سأل في الحومة إذا ثمة شكون يفهموا في الأنفورماتيك بش يشدوا الحانوتة، حاجتو بزوز م الناس واحد يخدم في الصباح و واحد يخدم في الليل... نعتوه على صفوان، قاريها قراية و مهف شي كبير، و زيد الطفل ولد سي براستوس المعلّم... صحيح هو يبان مڤربع و بليد و صاحب مشاكل، لكن ضمنوا فيه جماعة صحاح انو يكون ديڤوردي و قد قد... عاد ولّى نوسترا اتفاهم معاه أنو بش يبدى يخدم في النهار و في الليل لين يشوفلو شكون يشد عليه في الليل و الخدمة تكون مقابل نسبة معينة م الأرباح، و عندهم تو فوق الأربعة شهور متفاهمين و ما صارتش بينهم حتى مشكلة، و نوسترا ملزوم ما يتعدى مرتين ع الاقل للحانوتة و ساعات يعدّي العشية الكل و يقعد لعقاب الليل بش يشوف الخدمة كيفاش ماشية...

صفوان يحل في الباب، يتدهشر، عينيه مسكرين جملة واحدة، و ترشقولوا زوز صغار م المفرخ متاع الليسي الفاصعين ع القراية متاعهم، ولد الحومة العربي ولد للا مادجربة و صاحبو اللي ديمة يدور معاه وائل (كانوا قبل يقولوا المازوشي على خاطرو ديمة يجيب المشاكل لروحو و يقعد يلوّج شكون يسلّكهالو) ...

صفوان: (بنبرة كلها خمول و فشل) انعـــم... ش تحبّوا زاده ع الصباح

ولد الحومة العربي: نحبوا نعملوا بحث ع الدولة الــ... (و يقعد يمهمه)

المازوشي: (ياخو الكلام على صاحبو) الدولة الصنهاجية

صفوان: (يفهم الهدرة) تي اللي هي... الله يبارك، لحظة برك

صفوان: (بعد ما يحل الباب متاع المحل) هيا أدخلوا

يدخلوا الزوز مفرخ، صفوان يخدّم الضو في المحل، يحللهم البوست، يتفقد إذا الأنترنت تخدم و إلا لا

صفوان: باهي، أقعدوا لوجوا علاها وحدكم الدولة الصنهاجية متاعكم هذي... عندي خدمة أنا

صفوان: (يهم بش يمشي يشد بلاصتو، إلا انو يتلفتلهم و بنبرة كلها تهديد، يطغى عليها نفس الطابع متاع الفشلة اللي مسيطرة عليه) تمشوا هكة و إلا هكة... ما تلوموا كان ارواحكم

ولد الحومة العربي: لا لا، احنا بش نعملوا البحث متاعنا اكهو

صفوان: ايــه، هاني نعس عليكم

و يمشي يقعد ع الكونتوار متاعو... و يحط يديه ع البيرو، يدلدل راسو... و تغلبو النومة

تحت الشجرة اللي في وسط الحومة، وانتد و أزواو قاعدين يڤجدروا... في نفس الوقت اللي يخرج فيه بيغ تراب بوي من باب دارهم، كيف يشوفهم قاعدين، يمشي يجبد كرسي (م الكراسي اللي مخليهم حسين القهواجي قدام القهوة بش جماعة الحومة يلقوا علاش يقعدوا) و ينضم ليهم

أزواو: ما عندكم عليه حتى خبر... جملة واحدة

وانتد: شي يا عم ازواو، و الله تقولشي فص ملح و ذاب... أمي مسكينة بش تهبل، دمعتها تو فوق الشهرين ما كفتش

أزواو: و بوك سي قاسم، ما يتكلمش، ما يطلبكمش،ما عندوش خبر

وانتد: (يدوّح في راسو) حتى من بابا ربي يهديه، قد ما حاولناه و قرّقنا بيه، يا بابا اخطاك، راهي الأمرو هذي ما تجيب كان الهم و المشاكل و وجيعة الراس... شــــــــــــي

أزواو: قاعدين تتصلوا بيه؟

وانتد: لا لا... ساعات يطلبنا م الجمعة للجمعة، هو بيدو متخلخل و حتى صوحابو اللي هنا قالولوا اللي ما عندهم حتى خبر على حكاية خويا قرطابوليس... حد ماهو فاهم، و ربي شي يفدد

أزواو: (يحس في الدمعة بش تفر من عينين وانتد، هو بيدو دڤنونتو ولات ترعش و شادد روحو بالسيف بش ما يتخنقش بدمعتو) إن شاء الله ما ثمة كان الخير ولدي... إن شاء الله لاباس

يخلط بيغ تراب، يكر في هاك الكرسي بلاستيك وراه... ما عندوش حتى الجهد بش يقيموا م القاعة

بيغ تراب: أهلا بيكم... هاكم ع الصباح فايقين مصلّي ع النبي

أزواو: الله غالب وليدي، الخبزة صعيبة

بيغ تراب: (يحكي مع وانتد) ياخي خوك مش بش يحشم و يفيق عند روحو، قلّو راك كثّرت على ما وصّاوك... ياخي ما عرّس كان هو؟

وانتد: (يبتسم) و الله قلناهولو الكلام هذا، و لا حب يفهم روحو

أزواو: (يضحك الضحكة المعتادة متاعو، بحيث بدنو الكل يتهز و يتنفض) هي هي هي هي... ربي يهنّيه و يعمّر عليه... إن شاء الله ما نراو عندكم و نفرحولكم زاده

بيغ تراب: (يحكي مع أزواو، في نفس الوقت اللي يغمز فيه بطرف عينو في لإشارة إلى وانتد) ربي يسهّل... و يحنن القلوب على بعضها

ازواو: (يفهم المقصد متاع بيغ تراب) ربي يسهل وليدي... إن شاء الله ما ثمة كان الخير

بيغ تراب: (يستدرك، و بنبرة مرتفعة تدل على انو يلزمو يمشي) ايــه، و ش قاعدين تعملوا انتوما لهنا؟

وانتد: و الله قاعد نستنى في شهاب بش يحل الكشك متاعو، بش نشوف الجرايد، لعلّ ربّي ينوبشي بخدمة

بيغ تراب: يا ربي تسهّل، و انتي شيخي؟

أزواو: و الله اتفاهمت مع سي الدكتور كوادونوف بش نتعدالو للسبيطار... نحس في معدتي مقلقتني، نحب نعرف إذا كنت انجم نصوم و إلا لا؟

بيغ تراب: (بنبرة كلها تمنييك) تي ماو عينتك بش تفطر عم أزواو افطر... علاه الخوماضة هذي الكل

أزواو: (يبتسم، إبتسامة كلها مكر و خباثة) ماهو يلزمها الحكاية تكون حلال ولدي... امالا كيفاش

بيغ تراب: (يوقف، يربت على كتف وانتد) أعمل كيف ما يظهرك شيخي... انتي تعرف ما يصلح بيك

بيغ تراب: هيا انستوا ببعضكم... صحيّـبك راهو يستنى فيّ تو... تقولشي الخدمة بش تحبس كي ما تلقانيش في البيرو

أزواو: (يدوّح في راسو) ربـّــي يعينكم

يمشي بيغ تراب، و يرجعوا أزواو و وانتد لحديثهم

أزواو: و انتي وليدي... ما قريبش ربي يسهللك في خدمة بش اتفرّح اميمتك ع الأقل

وانتد: شي، امي و الله ما عينها في فرح... حتى زربنا اراحنا و قلنا نعرسوا للڤوفرنور ثماشي ما نفرحوها شوية... هاك ريتها عرس كامل دمعتها ما كفتش

أزواو: (يتنهد) ربّـي يطمّن قلبها و يفرّحها

حانوت العدول فارغ... قصة اون لاين دار فاش قاعد يخنتب في اوراق محطوطين قدّامو، بيغ تراب مادد يديه ع البيرو راقد و يشخر ضربة واحدة

قصة أون لاين: تي قوم يا طفل...

بيغ تراب: ش بش نقوم نعمل بالله يا عرفي

قصة اون لاين: قوم فيق شوية، وش مليح ترقد في محل متاع خدمة

بيغ تراب: (يتثاوب) باهي عرفي هاو قمت... ش تحبني نعمللك

بيغ تراب: (يتقعد ع الكرسي، راسو طايح على جنب، و عينيه نصف مسكرين... مع ابتسامة مصطنعة مرتسمة على وجهو) هاني فايق

قصة اون لاين: ايــه صحيت ولدي... عينك ع الحانوت خليني نعمل تعسيلة

قصة اون لاين: (في نفس الوقت اللي يمد يديه ع البيرو و يركّح في راسو، و بنبرة كلها تثاؤب) البارح السهرية طوالت

بيغ تراب: (بين نومين... و يدوّح في راسو) ارقد عرفي ارقد... صحة عليك

البوبلينات... صفوان تو وين فاق م النوم، مازال يتثاوب، يتلفت للزوز اولاد اللي جاو ع الصباح يحبّوا يعملوا بحث ع الدولة درى شنية، يلقاهم حاطين يتفرجوا في مواقع إباحية فيها صور خليعة

صفوان: (عينيه تتحل فرد حلّة) شنوة هذاكه؟

المازوشي: (مع دهشة مصطنعة) حتى شي، والله اتحلّت وحدها

صفوان: اتحلّت وحدها... اوه يا ديني لو كان ما جيتش من قبولي نتبّع فيكم

ولد الحومة العربي: تي من قبولي و انتي تشخر... وين اتبع فينا

صفوان: (بنبرة كلها غضب) لعنة الله على الزنوس... ما تحشموش على أرواحكم، رمضان!

الزوز أولاد يهموا بش يفصعوا م الحانوت، إلا انو صفوان و بحركة سريعة يوقف قدام الباب

صفوان: ايجى لهوني... خلصوا الساعة اللي قعدتوها... الهم متاع وذني

واحد م الزوز أولاد يعطيه دينار، و يخرجوا م الحانوت يتهامسوا و يتضاحكوا

صفوان: (بنبرة تحمل في طياتها ابتسامة المغلوب على امرو) الهم، مازالوا بعابص كبّار و ش يطلع منهم... شباب العلا، الزنوس متاع وذني

في التاكسيفون... كيبيتز قاعد ع الكونتوار، حاطط يديه على خدو و غالبو النوم... تدخل أرابيكا

أرابيكا: صباح الخير كيبيتز... رمضانك مبروك يا خويا

كيبيتز: صباح النور أرابيكا... شنوة أحوالك، يعيشك... و انتي بالامثل

أرابيكا: كيبيتز، أمون تصححلي الدينار هذي

كيبيتز: بالطبيعة، الله يبارك

ياخو هاك الكمشة صرف من عندها، و من غير ما يحسبهم يرميهم في القجر و يمدلها دينار صحيحة... تدخل أرابيكا للكابينة و تسكر الباب وراها

كيبيتز: (يحكي وحدو) نموت و نعرف شكونو هـ اللي يوميا تجي تحكي معاه

و يعاود يحط يدو على خدو... و يرقد

دار الشيخ أزواو، سنية واقفة قدام الشباك متاع بيتها تتفرج ع الحومة، مريومة و أستوسا، خواتها التواما قاعدين على فرشها يتضاحكوا و يتهامسوا و عاملين علاها جو

مريومة: شنوة عاد... جاء سي الشباب

أستوسا: صاره هو بش يحل في رمضان... و آش بش يعمل في رمضان، القهوة مسكرة و ما يلقى حد بش يبيعلو الدخان

مريومة: حتى اللي بش يتكيّف، يعمّل على روحو م الليل

سنية ما تعبّرهمش، تتفرج في وسط الحومة، وين وقفت كميونة اكسبريس، يهبط منها شهاب، يحل المان و يبدى يهبّط في الكراظن

البرباش خارج من دارهم، يغزر لشهاب مازال كيف وصل يعيّط على وانتد اللي خلاّه قاعد قدام البيتزارية

البرباش: (يعيّط) يا وانتد... هاو شهاب جاء

يخرج وانتد و يمشوا هو و البرباش يعاونوا شهاب على تهبيط الكراظن و حطانهم في الكشك... هذا الكل و سنية تتفرّج من شباك بيتها ماهي فاهمة حتى شي...

و يسرح بيها الخيال

ليلة راس العام اللي فات، المطر تغبرش، دخلت سنية للكشك بش تشري بخمسة مياة فرنك لوبان متاع حج... كانت اول مرة تدخل للكشك الجديد اللي وقتها ما عندوش جمعتين م اللي حل... تلقى شهاب قاعد يقرى في كتاب، دوب ما دخلت فرح بيها و ببشاشة اهل الجنوب و كرمهم و ترحيبهم قعدوا يحكوا شوية و عرفت اللي هو مدمن أدب و شعر، و ورّاها البعض م الكتب اللي حاططهم في مكتبتو الصغيرة اللي معلقة في الكشك... و ما خرجت من عندو إلا ما اقترح عليها أنها تاخذ واحد م الكتب اللي شهقت بالشهقة كيف عرفت انو عندو نسخة منو

كيف جات خارجة، تلقى المطر شادة بعضها... شهاب حلف بالأيمانات السبعة أنها ما تمشي إلا ما تاخو السحابة متاعو تروّح بيها

تتذكر روحها مليح زادة نهارتها، واقفة في نفس البلاصة، بعد بساعة م اللي روحت م الكشك... و شهاب يسكّر في الكشك و خارج م الحومة في هاك المطر... مغطّي راسو بجريدة...

ما نجمتش تمنع تسارع دقات قلبها وقتها... نفس الدقات اللي عبرولها تو على شغفها بعودتو بعد غياب خمسة أيام كاملين م الغياب، كانت فترة طويلة بالنسبة ليها حيث كانت ملزوم ما تتعدّالو كل نهارين و إلا ثلاثة أيام للكشك، مرة بش ترجعلو كتاب، مرة بش تتسلف كتاب، مرة بش تشري جريدة، مرة لوبان... تتعدّد الاسباب لكن الهدف متاعها كان واحد و هي انها تشوفو و تملّي عينيها بطلتو البهية...

صحيح انو عمرو ما عبرلها عن أي مشاعر هكة و إلا هكة... كان دائما بشوش ياسر في وجهها و يفرح بيها كيف تدخل للكشك... عمرهم ما تحدثوا غير في بعض العموميات عن احوال البعض من أفراد الحومة او بعض المسائل الادبية اللي كانت تتناولها الكتب المتبادلة ما بيناتهم، و اللي شهاب كانت ليه نظرة موضوعية تدل على دراية و إلمام و إهتمام... لكن كان عندها احساس انو ملزوم ما يكون عندو بيها اهتمام من نوع خاص، غير البقية الكل

وسط الحومة، الجماعة يهبطوا في الكراظن م الكميونة

البرباش: ياخي بش اتدورها تبيع في التمر و إلا شنوة الحكاية

شهاب: أكهو، اللازم لازم يا برباش يا خويا

يضرب المدفع، آذان المغرب...

أنفينيتي واقفة قدّام الشباك متاع الصالة شاردة... الحومة فارغة، ما ثمة كان الشيخ أزواو سكّـر الحانوتة متاعو و قاصد رّبي ماشي لدارو بش ياكل ما كتب و يعاود يرجع في الليل يحل الحانوتة و يعدّي فيها بقية الليل بش جماعة الحومة يلقوا منين يقضوا للسحور متاعهم

أنفينيتي سارحة، ما فاقتش بالمدفع كيف ضرب جملة واحدة، العينين حمر جمر م الدموع مرشوقين في المدخل متاع الحومة تستنى... تستنى و قلبها يدق و شادة في الشباك تقولشي ثمة حاجة يمكن تصير في أي لحظة

تقعد ع الحالة هذيكه قرابة الدرج... وراها، في الصالة، طاولة منصوبة عليها خيرات ربي، قاعدين الڤوفرنور و مرتو قميرة، مقابلينهم وانتد و كاكتوسا... الجماعة الكل واجمين يتغازروا لبعضهم و كل واحد يستنى في غيرو بش ينطف

قميرة: هيّا يومّا... أذّن عندو درجين

أنفينيتي تفيق عند روحها، يرجعلها شاهد العقل... شنوة ذنبهم أولادها تنغص عليهم فطارهم، مسكينة بنتها الجديدة (قميرة مرت الڤوفرنور) جات كان للمقاسية و التمرميد، هو العرس أصلا كان محاولة منهم بش يزهيوها و يفرحوها... لكن الله غالب، الشي اللي تحس فيه في قلبها ما نجمتش تنساه او حتى تتناساه و تعمل في روحها ما في بالهاش و تنسّي و تكذّب و تمثّل عليهم أنها فرحانة و سعيدة... و الطفلة مسكينة النهار و طولو و هي تبشبش بيها و هكه هكة يومّا يومّا و هي باقي شي

تلقي نظرة أخيرة ع المدخل متاع الحومة، لعلّ يظهر ولدها قرطابوليس... كان عندها امل اللي هو ملزوم ما يرجع يرمضن في الدار، مش حتى يرمضن، ع الأقل تسمع عليه اي خبر، تعرف إذا كانو ميت و إلا حي، في البر و إلا في البحر، حر و إلا مربوط... لكن شي

تدور على يسارها... تجي عينها ع الحيط و تتخض و توخّر لتالي، كي المفجوعة... ع الحيط، ثمة تصويرة بالأكحل و الأبيض معلقة عليها شرميطة كحلة... خوها فسيفساء، انتحر تو عندو قرابة الأربعة شهور، في عز المشاكل اللي بدات تقاسي فيهم، تسمع الخبر انو خوها الوحيد قرر يوضع حد لحياتو، حياة كانت مليئة بالمشاكل، و الصراعات، و العلاقات المشبوهة... ما ثماش واحدة من بنات الحومة ما عمللهاش مشكلة و ما اتهمهاش في شرفها، لكن من ألطاف الله أنهم العباد ماعادش ياخذوا عليه... حتى انتحارو ما كانش مفاجأة لأنو في آخر أيامو هدد بانو بش يختفي نهائيا و عدّى مدّة ماعادش يحكي مع اللي يجي... و من بعد ما مات طلع بعض الكلام ع الأسباب اللي كان برر بيها اقدامو على الإنتحار لكن ما ثمة حتى شي رسمي... و العباد الكل تحسها فرحت أنها اخيرا ارتاحت منو و من بلادتو و مشاكلو...

هي بيدها ما حزنتش عليه بالطريقة اللي كانت تتصور روحها تحزن بيها على فراق خوها، لأنها وقتها غارقة في المشاكل لكرومتها، راجلها اللي فصع م البلاد، ولدها اللي غبر و حد ماهو عارف ليه ثنية... كمّل خوها موزاييك ينتحر، مشكلة تتزاد لليستة متاع المشاكل و اكهو

تقعد مدة عينيها مرشوقين في الحيط... تتذكر عايلتها، أولادها المغلوب على امرهم معاها مساكن ماهمش ناقصين

تفيق كان بيد تشدها من مرفقها بكل لطف

قميرة: (بابتسامتها المعهودة، تحاول انها تنسّي و تكذّب) هيّا يومّا عاد... يهديك، راك م العشاء متاع البارح ما حطيتيش لڤمة في فمّك

انفينيتي: (تتنهّد، و بنبرة كلها حزن، م الاعماق) باهي بنتي، باهي... يخلّيك و ياخو بخاطر

تقعد أنفينيتي ع الكرسي و تغرفلها قميرة مرت ولدها الشربة و تحطلها في الصحفة متاعها... و تمشي تشد بلاصتها وين كانت قاعدة و عينين أنفينيتي مرشوقين فيها مع ابتسامة باهتة عربون شكر ع الشي اللي قاعدة تعمل فيه معاها... الإبتسامة اللي سرعان ما اختفت اول ما قعدت قميرة ع الكرسي متاعها

و اتطرشقت انفينيتي بالبكاء، و فهم الڤوفرنور الحكاية، و امام بهتة الجميع يهمز مرتو

الڤوفرنور: (يوشوش لقميرة) قوم بالسياسة... هذيكه بلاصة خويا قرطابوليس

قميرة: (مفجوعة) وووه عليّ، ما قاللي حد!

قميرة: (تشير للكرسي اللي في ذيل الطاولة، اللي مقابل كرسي انفينيتي) نقعد هوني؟

كاكتوسا: (تدوّح في راسها) هذاكه كرسي بابا زاده... شد بلاصتك و اكهو، الله غالب

أنفينيتي: (تكفكف دموعها) لا لا بنتي، شد بلاصتك، و افطر على روحك

أنفينيتي: (تحاول ترسم ابتسامة على وجهها الغارق في دموعها) لا لا، على خاطر اول نهار و اكهو... أقعدوا افطروا و ش يهمكم فيّ

وانتد: (يتلفت لمرت خوه الڤوفرنور، بكل لا مبالاة و برودة دم) أقعد شق فطرك... ما عندك ما تعمللها

و قعدوا الجماعة الكل، واجمين، يترشفوا في الشربة م الصحاف... و يتلصصوا بعينيهم على أنفينيتي، و كلهم أمل أنها تاكل أي حاجة... على غير فايدة